وعى العالم العربي لهذه الحقيقة ما إن دقّت ساعة التغيير، فلم يحجّم دور المرأة إطلاقاً كما اعتاد أن يفعل. في اليمن، كانت توكل كرمان أوّل الذين صعدوا المنابر وحرّكوا الحشود، فأثبتت نفسها كقائدة في بلدٍ لم يسبق للرجل فيه أن تبع امرأة...و في البحرين، تحولّت زينب الخواجة الى رمزٍ للثوار، وفي اليمن أيضاً، تزعّم الحزب الديموقراطي التقدمي، أحد أبرز الأحزاب المعارضة، قيادية هي مايا جريبي.
بعد أيّ ثورة، أو حركة تمرّد، تتمكّن المرأة من أن تحدث تغييراً في حقوقها. لا بل أكثر، يمكننا أن نقيس مدى نجاح أي ثورة، بمدى التغيير الذي تحدثه في وضع المرأة داخل البلد الذي تشتعل فيه! ماذا عن حال المرأة إذاً اليوم في خضم موجة التغيير العربي؟ المرأة الرجل ميادين التحرير في العالم العربي، كانت في الصفوف الأولى، جنباً الى جنب مع زوجها، مع أبيها ومع ابنها... اعتقلت، عنّفت، سقطت شهيدة، كانت قائدة، منّظمة، كانت محرّضة، كان لها صوت،صرخت به بملئ حنجرتها... لم ينزعج أحد، أو بالأحرى، كثيرون لم ينزعجوا من وجودها، بل على العكس، شكروا جهودها، أفسحوا لها مكاناً بين الحشود، كي تكون في الصفوف الأولى. من تونس الى اليمن، كان لها دورٌ حاسم في الميدان، دور أتى ليؤكد مجدداً مقولة لينين الشهيرة، "إن نجاح أي ثورة يتوقف على مدى مشاركة المرأة فيها. هي نصف المجتمع، وكيف لثورةٍ أن تقام في مجتمعٍ بغياب نصفه؟". دعمن الربيع العربي بكل ما أوتين من قوّة، فهل سيدعمهنّ؟ استفادت الحركات الثورية منهنّ، أفسحت لهنّ المكان في الصفوف الأولى في الميدان، ولكن هل ستفسح لهنّ المجال أيضاً في فضاء ما بعد الثورة؟ هل ستشركهنّ في السياسة، بما يقتضيه حجمهن؟ هل ستوفر لهن مقاعد إضافية في المجلس التشريعي أو في المجلس التنفيذي أو في السلطة القضائية؟ وهل سيعني ذلك أنها ستعبًّد لها طريق الرئاسة؟ ألن تنقلب في اليوم التالي، لكي تقول لهن "انتهت مهمتكنّ في الشارع، آن الأوان لكي تعاودن منازلكنّ وأن تتفرّغن لإدارة شؤون أسرتكنّ فلا مكان لكنّ في مضمار آخر؟".
إرسال تعليق