النسب والمولد والنشأة
*نسب النبي صلى الله عليه وسلم وأسرته :
نسب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى ثلاثة أجزاء : جزء اتفق عليه كافة أهل السير والأنساب ، وهو الجزء الذي يبدأ منه صلى الله عليه وسلم وينتهي إلى عدنان .
وجزء آخر كثر فيه الاختلاف ، حتى جاوز حد الجمع والائتلاف ، وهو الجزء الذي يبدأ بعد عدنان وينتهي إلى إبراهيم عليه السلام فقد توقف فيه قوم، وقالوا : لا يجوز سرده ، بينما جوزه آخرون وساقوه . ثم اختلف هؤلا المجوزون في عدد الآباء وأسمائهم ، فاشتد اختلافهم وكثرت أقوالهم حتى جاوزت ثلاثين قولًا ، إلا أن الجميع متفقون على أن عدنان من صريح ولد إسماعيل عليه السلام .
أما الجزء الثالث فهو يبدأ من بعد إبراهيم عليه السلام وينتهي إلى آدم عليه السلام ، وجل الاعتماد فيه على نقل أهل الكتاب ، وعندهم فيه من بعض تفاصـيل الأعمـار وغيرهـا ما لا نشك في بطلانه ، بينما نتوقف في البقية الباقية .
وفيما يلى الأجزاء الثلاثة من نسبه الزكى صلى الله عليه وسلم بالترتيب :
الجزء الأول :
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ـ واسمه شَيْبَة ـ بن هاشم ـ واسمه عمرو ـ بن عبد مناف ـ واسمه المغيرة ـ بن قُصَىّ ـ واسمه زيد ـ بن كِلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فِهْر ـ وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة ـ بن مالك بن النَّضْر ـ واسمه قيس ـ بن كِنَانة بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكة ـ واسمه عامـر ـ بن إلياس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عدنان.
وأمه صلى لله عليه وسلم : هي آمنة بنت وهبٍ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة.. وهكذا حتى آخر سلسلة نسب الرسول صلوات الله عليه، فتجتمع هي وزوجها عبد الله في كلاب.
وكل هؤلاء الجدود سادة في قومهم ، قادةً أطهاراً ، ونسب الرسول صلى الله عليه وسلم أشرف الأنساب.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم خيار من خيار من خيار .
وقد روي عن العباس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
« إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم من خير فرقهم ، وخير الفريقين ، ثم تخير القبائل ، فجعلني من خير قبيلة ، ثم تخير البيوت ، فجعلني من خير بيوتهم ، فأنا خيرهم نفسا ، وخيرهم بيتا » ( رواه الترمذي بسند صحيح).
و عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، ثم اصطفى من بني إسماعيل كنانة ، ثم اصطفى من كنانة قريشاً ، ثم اصطفى من قريش بني هاشم ،
ثم اصطفاني من بني هاشم ... رواه مسلم
ولا يختلف النسّابون في نسب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى عدنان ، وإنما اختلفوا من عدنان إلى إسماعيل ، ومن المجمع عليه - الحقّ الذي لا ريب فيه -: أن نسبه عليه الصلاة والسلام ينتهي إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
وعند عدنان يقف ما صحَّ من سلسلة نسب الرسول صلى الله عليه وسلم ،
فعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ نسبه الكريم إلى عدنان قال : من ههنا كذب النسّابون .
ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : إنما ننسب إلى عدنان وما فوق ذلك لا ندري ما هو .
وعن عروة بن الزبير رضي الله عنه أنه قال : ما وجدنا أحدًا يعرف ما فوق عدنان واسماعيل الا تخرصا .
ويحكى عن مالك بن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن الرجل برفع نسبه إلى آدم عليه السلام فكره ذلك .
الجزء الثانى :
ما فوق عدنان ، وعدنان هو ابن أُدَد بن الهَمَيْسَع بن سلامان بن عَوْص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طابخ بن جاحم بن ناحش بن ماخى بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حَمْدان بن سنبر بن يثربى بن يحزن بن يلحن بن أرعوى بن عيض بن ديشان بن عيصر بن أفناد ابن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمى بن مزى بن عوضة بن عرام بن قيدار ابن إسماعيل بن إيراهيم عليهما السلام.
الجزء الثالث :
ما فوق إبراهيم عليه السلام، وهو ابن تارَح ـ واسمه آزر ـ بن ناحور بن ساروع ـ أو ساروغ ـ بن رَاعُو بن فَالَخ بن عابر بن شَالَخ بن أرْفَخْشَد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن مَتوشَلخَ بن أَخْنُوخ ـ يقال : هو إدريس النبي عليه السلام ـ بن يَرْد بن مَهْلائيل بن قينان بن أنُوش بن شِيث بن آدم ـ عليهما السلام.
*الأسرة النبوية :
تعرف أسرته صلى الله عليه وسلم بالأسرة الهاشمية ـ نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف ـ وإذن فلنذكر شيئًا من أحوال هاشم ومن بعده :
1 ـ هاشم :
قد أسلفنا أن هاشمًا هو الذي تولى السقاية والرفادة من بني عبد مناف حين تصالح بنو عبد مناف وبنو عبد الدار على اقتسام المناصب فيما بينهما، وكان هاشم موسرًا ذا شرف كبير، وهو أول من أطعم الثريد للحجاج بمكة، وكان اسمه عمرو فما سمى هاشمًا إلا لهشمه الخبز، وهو أول من سن الرحلتين لقريش، رحلة الشتاء والصيف، وفيه يقول الشاعر :
ومن حديثه أنه خرج إلى الشام تاجرًا، فلما قدم المدينة تزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدى بن النجار وأقام عندها، ثم خرج إلى الشام ـ وهي عند أهلها قد حملت بعبد المطلب ـ فمات هاشم بغزة من أرض فلسطين، وولدت امرأته سلمى عبد المطلب سنة 497 م، وسمته شيبة؛ لشيبة كانت في رأسه، وجعلت تربيه في بيت أبيها في يثرب، ولم يشعر به أحد من أسرتـه بمكـة، وكان لهاشم أربعة بنين وهم: أسد وأبو صيفي ونضلة وعبد المطلب. وخمس بنات وهن: الشفاء، وخالدة، وضعيفة، ورقية، وجنة.
2 ـ عبـد المطلب :
قد علمنا مما سبق أن السقاية والرفادة بعد هاشم صارت إلى أخيه المطلب بن عبد مناف [وكان شريفًا مطاعًا ذا فضل في قومه، كانت قريش تسميه الفياض لسخائه] لما صار شيبة ـ عبد المطلب ـ وصيفًا أو فوق ذلك ابن سبع سنين أو ثماني سنين سمع به المطلب. فرحل في طلبه، فلما رآه فاضت عيناه، وضمه، وأردفه على راحلته فامتنع حتى تأذن له أمه، فسألها المطلب أن ترسله معه، فامتنعت، فقال : إنما يمضى إلى ملك أبيه وإلى حرم الله فأذنت له، فقدم به مكة مردفه على بعيره، فقال الناس: هذا عبد المطلب، فقال: ويحكم، إنما هو ابن أخى هاشم، فأقام عنده حتى ترعرع، ثم إن المطلب هلك بـ [دمان] من أرض اليمن ، فولى بعده عبد المطلب ، فأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون لقومهم،وشرف في قومه شرفًا لم يبلغه أحد من آبائه، وأحبه قومه وعظم خطره فيهم.
ولما مات المطلب وثب نوفل على أركاح بد المطلب فغصبه إياها، فسأل رجالًا من قريش النصرة على عمه، فقالوا: لا ندخل بينك وبين عمك، فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتًا يستنجدهم ، فسار خاله أبو سعد بن عدى في ثمانين راكبًا ، حتى نزل بالأبطح من مكة، فتلقاه عبد المطلب، فقال : المنزل يا خال ، فقال : لا والله حتى ألقى نوفلًا ، ثم أقبل فوقف على نوفل ، وهو جالس في الحجر مع مشايخ قريش ، فسل أبو سعد سيفه وقال : ورب البيت ، لئن لم ترد على ابن أختى أركاحه لأمكنن منك هذا السيف ، فقال : رددتها عليه ، فأشهد عليه مشايخ قريش ، ثم نزل على عبد المطلب ، فأقام عنده ثلاثًا ، ثم اعتمر ورجع إلى المدينة. فلما جرى ذلك حالف نوفل بني عبد شمس بن عبد مناف على بني هاشم . ولما رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب قالوا : نحن ولدناه كما ولدتموه ، فنحن أحق بنصره ـ وذلك أن أم عبد مناف منهم ـ فدخلوا دار الندوة وحالفوا بني هاشم على بني عبد شمس ونوفل ، وهذا الحلف هو الذي صار سببًا لفتح مكة كما سيأتى .
إرسال تعليق