أحب حتى تفقد صوابك": هذا هو عنوان الكتاب الأخير للكاتبة ماريز فيلان. تحكي ماريز في كتابها هذا عن شغفها الجنوني تجاه شاب أصبح لاحقاً والد ابنتها، في قصة جد مؤثرة.
توفيت الكاتبة،
لكن صوفي مارينوبولوز Sophie Marinopoulos، أخصائية النفس التي قامت بنشر الكتاب، تحدثنا، في هذا
المقال، عن أسرار الشغف.
الشغف، ليس هو الحب
لا تبدأ كل قصص الحب بذلك الشغف المجنون؛ فهناك من يحتفظ
بهدوئه ولا ينغمس في هيام وولع يفقده السيطرة تماماً على مشاعره وحياته العاطفية.
من الشغف، ينبثق إحساس بأن طرفاً سيقدم كل شيء
للآخر، وأن هذا الأخير سيكمل الأول. هذه أفكار نرجسية جداً؛ فذلك يلمح بأننا سنظل
أوفياء لشخص واحد طيلة الحياة، وأن هذا الشخص سيظل دائماً بجانبنا، لإن الشغف لا
يؤيد الانفصال.
أما الحب، فهو أكثر انسجاماً وأكثر مبادلة "أخد
وعطاء". يعد الحب تعارفاً يبنى على مر الزمن؛ حيث يتعرف من خلاله الطرفان عن
بعضهما البعض، ويكتشفان نفسيهما خلال ذلك الوقت. الحب علاقة عاطفية تستند أكثر على
التوازن.
الحب هو الواقع، حيث أنه إحساس أكثر معقولية عن الشغف
الذي يقوم على مرور سريع من القول إلى الفعل.
يولد الشغف عن صدع عاطفي
يتميز الشغف بالجنون، فهو لا يعرف حدوداً ولا مكان له في
الواقع. لكي تعيشي هذا الإحساس، عليك أن تكوني قادرة على التخلص من قيودك المعيشية
تماماً.
يولد الشغف عن لقاء بين نقطتي ضعف كبيرتين، عن توقعات
قائمة عن حرمان عاطفي عميق ومدمر. يأتي الشغف في وقت يكون فيه ذاك الحرمان العاطفي
قد وصل ذروته، مما ينتج عنه هوية قوية وبعد وجودي أساسي.
لكي يكون هنالك شغف، يجب أن يكون صدع عاطفي أولاً.
الأشخاص الناضجون نسبياً، والذين يتغذون عن العلاقات الاجتماعية،
العاطفية والرومانسية
الكلاسيكية أو المبتذلة، لا يدخلون عادة في علاقات حب مخدرة أو شغوفة.
تساهم الحالة النفسية المضطربة لأحد الطرفين في إثارة الشغف
لقد كانت حالة رفيق ماريز فيلان الشاب النفسية
مضطربة على أكثر من صعيد، فقد كان يعاني من انفصام في الشخصية، لكنها كانت تجهل
ذلك عندما التقت به. في وصف ماريز لحبيبها، يمكن استنتاج شقوق و نقط ضعف بشخصيته.
لقد كان جماله الساحر والفراغ العاطفي الذي كان يبدوعليه هو ما دفعها للرغبة في
مساعدته، حبه، تكميله وإصلاح كل عيوبه. فالشغف يساوي الإصلاح المتبادل.
لكي يندلع الشغف، على الطرفين أن يكونا على نفس الدرجة
من الضعف العاطفي، لكي يكون لهما هم واحد عندما يلتقيان: ملء فراغاتهما
العاطفية.
لكن ليس من المشروط أن يكون الشخص يعاني من انفصام
الشخصية حتى يعيش قصة شغف، حيث تكفي نسبة ضئيلة من الجنون، والتي تتواجد بداخل كل
واحد منا، لكي تشعل لهيب الولع.
ببساطة، لا يمكن مقاومة الشغف
هناك من يستطيع تجنب الوقوع في الحب المجنون، عادة ما
يتم ذلك على حساب معاناة رهيبة، لكنهم يدفعون الثمن بالنهاية؛ حيث أن الحنين و
الحزن يشدهم للوراء و يقولون في أنفسهم: "كنت على وشك عيش كل ما كنت أود
عيشه". يوضح كتاب ماريز فيلان قوة الشغف و وطأته، حيث أنه بمجرد ما ينتهي،
تنتهي معه متعة الحياة.
إرسال تعليق