إجتازت عقد الأربعين بخطى مثقلة بالتعب والقلق، هي تدري تماماً ان لكل مرحلة مصاعبها وفصولها لكنها لم تتوقع ان تكون بهذه القساوة والخيبة. إجتازت الأربعين وفي قلبها خوف مما ستؤول اليه الأيام المقبلة، صحيح أنها سمعت عن سن اليأس كثيرا لكنها إعتقدت أنها ستتخطى هذه المرحلة بوعيّ وثقة إلا انها وقعت في فخ " الاكتئاب المقنع" لتصبح معاناتها اليومية " خسارة جزء منها برحيل سنواتها." هي اليوم امام مواجهة عوارض نفسية وجسدية جديدة، هي في منتصف الطريق وعليها أن تختار كيفية عيش يومياتها تحت قناع أنثوي مختلف.
هي ليست حالة مرضية وإنما مرحلة عمرية تمرّ بها كل إمرأة وعنوانها العريض إنتهاء الدورة الشهرية. أصبحت امام حقيقة جديدة ألا وهي عدم القدرة على الإنجاب. فالإنتقال من ضفة الخصوبة الى ضفة عدم الإنجاب ليس سهلا عليها، لذا تحتاج المرأة الى دعم معنوي وعائلي يساعدها على إجتياز هذا الإمتحان النسائي. هي اليوم تعيش على وقع عوارض جسدية تجعلها أسيرة القلق ، النوبات الحرارية ، التقلبات المزاجية ، زيادة في الوزن وهشاشة العظام...سن اليأس، تسمية أُطلقت على هذه المرحلة وهي أصبحت تمثل للكثيرات كآبة بكل معنى الكلمة، وكأنها دخلت الى نفق مظلم تاركة وراءها نبض الحياة الذي كان ينبض في داخلها. وتشعر بعض النساء انهن فقدن أنوثتهن فأصبحن عاجزات عن العطاء ولم يعدّ بإنتظارهن سوى نوبات الحزن والقلق الذي لا يعرف الرحيل.
تجربة ذاتية
لا يُخفى على أحد ان هذه المرحلة دقيقة ومحطة مفصلية في حياة المرأة لذا عليكِ ان تكوني على إستعداد كافي لها كي تتجنبي الوقوع في فخ الإكتئاب. هي تغيّرات بيولوجية في جسدها كتلك التي مرّت بها في المراهقة والبلوغ والحمل، فشأنها شأن كل المراحل الأخرى تستوجب الإضطلاع على كل ما ينتظرها والتهيء له قبل الوصول اليه. يعتبر سن اليأس تجربة ذاتية تختلف بين إمرأة وأخرى، فبعض النساء تلاحظ تأثيرات خفيفة على جسدهن ومزاجهن في حين يعانين البعض الآخر تأثيرات مزعجة لدرجة اليأس. وعلى المرأة ان تعرف ان شخصيتها ودوافعها النفسية في فترات حياتها المختلفة تنعكس سلبا او ايجاباً في تعاملها مع هذه التقلبات النفسية والجسدية دون أن ترزخ تحت عوارضها ، عاجزة مستسلمة.
وسائل دفاعية
لذا عليكِ أن تعرفي أن الأطعمة الصحية والرياضة يلعبان دورا كبيراً في التخفيف من أعراض هذه المرحلة. وقد أثبتت الدراسات أن منتجات الصويا تخفف من الشعور بإرتفاع حرارة الجسد التي قد تعدّ أحد أبرز أعراض سن اليأس الجسدية، كما إنها تساعد على تخفيف الإصابة بأمراض القلب والشرايين وذلك عن طريق خفض مستوى الكوليسترول. كما عليكِ ان تُكثري من مشتقات الحليب والحبوب لتفادي ترقق العظام بالإضافة الى غناها بالفيتامينات والمعادن، ولا تنسي الخضار والفاكهة التي تحتوي على مركبّات كيميائية تساعدك في الحفاظ على صحتكِ.
من جهة أخرى عليكِ ان تجعلي من الرياضة جزءا لا يتجزأ من حياتكِ اليومية لاسيما بعد زيادة وزنك في هذه المرحلة. لذلك عليكِ أن تمارسي الرياضة بمختلف أنواعها فهي كفيلة ان تساعدكِ على المحافظة على رشاقتكِ. فلا تترددي في اللجوء اليها كوسيلة للتخفيف من الإكتئاب والتخلص من مشاعر التوتر التي تعتريك في هذه المرحلة بالذات.
الخطوات العلاجية لنوبات الإكتئاب
- القيام بنشاطات التي من شأنها أن تبعد عنها شبح الإنعزال والأفكار السلبية
- الإهتمام بنفسها وبصورتها، فعليها ان تدرك دائما انها ما زالت تتمتع بكل صفات المرأة.
- عدم التخلي عن مشاريعها المستقبلية، فعليها ان تثابر وتبقى على انخراط دائم في الحياة الإجتماعية.
- الإهتمام بصحتها الجسدية وتناول الفيتامينات الضرورية للحفاظ على توازنها الفيزيولوجي.
- التحدث عن هذه المرحلة بمخاوفها وعوائقها مع شريكها والمقربين لها.
- الإضطلاع على كل المراحل التي ستمرّ بها، فهذا سيخفف من قلقها، فهي ستكون مسلحة بالمعرفة وكل ما ينتظرها من عوائق وعوارض جسدية ونفسية.
لا تجعلي ثقتك بنفسك تهتز، فأنتِ ما زلت كما كنت مفعمة بالحياة والجاذبية. ورغم كل ما قيل يبقى واقع هذه المرحلة بيدكِ وحدك، صحيح انها قد تكون مرحلة يأس للكثير من النساء لكنها قد تكون أيضاً مرحلة جديدة مليئة بالتحديات، تنبض بالأمل والعطاء المستمر. القرار رهن شخصيتك وكيفية تعاملك مع فصول الحياة، فإما ان تختاري المضي في هذه الطريق او الإنعطافة الى طريق مظلم يسوده الحزن والخيبة. فأنت بإمكانكِ ان تحوّلي سن اليأس الى تحدٍ جديد ستجتازينه بإصرار وعزم وثقة أنثوية.
إرسال تعليق