منحت مواثيق حقوق الإنسان لكل إنسان الحق في التصويت والترشح في كافة الانتخابات، وهذا حقٌّ أساسيٌّ من حقوقهم السياسية، وأهم هذة المواثيق الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وقد منحت الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية للنساء حقّ الترشح في بلادهن بالاقتراع العام.
ما المقصود بالكوتا؟
إن "الكوتا"، تعبير لاتيني يعني "نظام انتخابي يهدف الى ضمان حقوق الأقليات في الانتخابات العامة للوصول إلى السلطة السياسية". والكوتا تشكّل تدخلاً إيجابياً لتحقيق المساواة والتقليل من التمييز بين فئات المجتمع المختلفة وخصوصًا بين الرجال والنساء. تقضي "الكوتا النسائية" بتخصيص عدد محدد من المقاعد في الهيئات التشريعية للنساء أي في المجالس النيابية، بحيث لا يجوز أن تقل عدد المقاعد التي تشغلها النساء عن النسبة المقررة قانوناً، أي أن هناك حصة نسائية محددة لابد من شغلها من قبل النساء.
وتؤكد الدراسات والأبحاث أن أكثر من ثمانين دولة تعتمد هذا النظام على امتداد دول العالم؛ في كل من إفريقيا (جنوب إفريقيا، إريتيريا، غانا، السنغال، رواندا، بوركينا فاسو...) وأمريكا اللاتينية (الأرجنتين، البرازيل، المكسيك...) وأوروبا (إسبانيا، بريطانيا، بلجيكا...) وآسيا (بنغلادش، باكستان، سريلانكا، الفيلبين، أندونيسيا...).
الكوتا النسائية في الدول العربية
رغم أن كل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سبق لها أن وقّعت على اتفاقية "سيداو" CEDAW، ووثيقة بكين، الا أن الحضور النسائي لا يزال خجولاً جدا في البرلمانات العربية.
إن هذا التهميش لدور المرأة في مجتمعاتنا مردّه الى عدة عوامل، منها الأعراف والتقاليد والتربية ولعلّ أهمها أن اللعبة السياسية والانتخابية في معظم دول العالم كانت وما تزال ذكورية في تقاليدها وقوانينها ومصادرها وآلياتها، ما يحدّ من قدرة المرأة على دخول اللعبة والمنافسة ضمن الآليات والقواعد الذكورية التي تحكمها.
هذا مع العلم أنه وبحسب مذكرة عمل بكين التي وقّعت عليها كل الدول العربية، أنه كان من المفترض أن يكون للمرأة نسبة 30 في المائة على الأقل من المقاعد في برلمانات الدول الموقعة.
أما على أرض الواقع، فقد بلغت نسبة دخول المرأة المؤسسات البرلمانية على المستوى العالمي 15.2% وعلى مستوى العالم العربي 6.4% و وفقاً لإحصائيات برنامج الأمم المتحدة للتنمية.
رغم أن الدول العربية لا تزال، ومع الأسف، في ذيل قائمة الدول فيما يتعلق بعدد النائبات المرشحات والناخبات وفي المناصب العليا في الأحزاب، والنقابات والجمعيات المهنية. بيد أن هناك إيجابيات لا بد من ذكرها؛ كدخول عدد من السيدات، مؤخرا، الى مجلس الأمة الكويتي، وذلك لأول مرة في تاريخ الكويت، وزيادة حصة المرأة في البرلمان المغربي بشكلٍ جليّ نتيجة حصول اتفاق بين الأحزاب والجمعيات النسائية. أما في الأردن وفي لبنان فتمّ تطبيق نظام الكوتا النسائية في الانتخابات البلدية. كما لجأت دول عربية مؤخراً هي المغرب والعراق لاعتماد نظام الكوتا لضمان تمثيل المرأة في برلماناتها، كما وفي مجالسها البلدية.
ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية "السيداو" قد نصّت في مادّتها الرابعة على أنه:
"لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألاّ يُستتبع، على أي نحو، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة".
1- مصر:
وهي أول بلد عربي يُستخدم فيه نظام الكوتا وذلك في عهد الرئيس عبد الناصر وبموجب نص دستوري (بعد تعديل عام 1964). وأدخل التشريع المصري نظام الكوتا النسائية عام 1979 وأوجب تمثيل المرأة في البرلمان بحصة لاتقل عن 30 مقعدا (مقعد لكل محافظة على الاقل) إلا أن نظام الكوتا قد ألغي فيما بعد. وتحاول النساء المصريات اليوم استعادته، لأن نسبة تمثيل المرأة تدنت كثيراً على الرغم من تزايد نسبة الناخبات عن الناخبين بشكل ملحوظ . إذ أثمرت النتائج الأخيرة عن تمثيل متدني للنساء (9 سيدات منتخبات فقط) بنسبة لاتزيد عن 1,7% من مقاعد البرلمان.
2- الأردن:
شهد المجتمع الأردني في العقود الماضية تحولات اجتماعية وتعليمية لافتة كان من أبرزها زيادة مشاركة المرأة في كافة نواحي الحياة حيث تبوأت العديد من المناصب سواء على المستوى الإقليمي أم الدولي، الأمر الذي جعلها تنافس كثير من النساء في العالم، علماً أن المرأة الأردنية تنال مؤخراً حظاً وافراً من التعليم العالي حتى أن نسبة الطالبات في بعض الاختصاصات يفوق عدد الطلاب بكثير إن المرأة أخذت حيزاً متميزاً من التعليم هي مؤهلة إلى أن تكون مشاركة حقيقية للرجل في جميع المجالات وأن تكون أهلاً لتبوّؤ المناصب السياسية والإدارية في الدولة.
لقد تمّ إذن إقرار الكوتا كمرحلة أوليّة نحو المشاركة السياسية للمرأة ورفع عدد مقاعد الكوتا النسائية في الانتخابات الأخيرة الى 15 مقعدا بحيث يكون لكل محافظة مقعد ولكل دائرة من الدوائر الانتخابية مقعد واحد.
3- العراق:
من المقرر أن تشغل المرأة العراقية في البرلمان العراقي الجديد ربع مقاعده. وبذلك، تعدّ بلاد الرافدين من الدول العربية القليلة التي تطبّق نظام الكوتا النسائية في مجالسها النيابية. وقد جرى تحديد الكوتا النسائية في اقليم كردستان، العراق، بحيث لا تقل نسبة تمثيل المرأة عن 30 في المئة في البرلمان أي يمكن أن تزيد عن هذه نسبة، ويعني هذا التمثيل للمرأة العراقية في مجلس النواب اضعاف نسبة تمثيل المرأة الامريكية في الكونغرس الامريكي.
4- المغرب:
شهدت المرأة المغربية في السنوات السابقة (منذ العام 2002) تطورا ملحوظا فيما يتعلق بدور المرأة داخل المشهد السياسي المغربي، وذلك بدخول 35 امرأة إلى مجلس النواب المغربي (325 مقعداً) خلال الانتخابات البرلمانية التى أجريت فى 27 سبتمبر 2002. وأصبح المغرب بعد انتخابات 2002 يحتلّ المرتبة 71 عالميا، ويتصدّر ترتيب الدول العربية من حيث نسبة حضور النساء في المجالس التشريعية. ومن الجدير بالذكر أن الحكومة المغربية قامت بتدابير متعددة لتعزيز دور المرأة وحقوقها منها: الأجندة الحكومية من أجل المساواة بين الجنسين وذلك قبل نهاية سنة 2015 وقد صادق عليها مجلس الحكومة في سبيل تحقيق المساواة بين الرجال والنساء المغرب.
معارضة نظام الكوتا
ذهبت العديد من التشريعات الى عدم الأخذ بمبدأ الكوتا، وذلك لإخلاله بمبدأ دستوريٍ مهم وهو مبدأ المساواة. ومن هذه التشريعات: الكويت، السعودية، البحرين...
أمّا معارضو مبدأ الكوتا فيعتبرون:
أن أي سيدة تصل إلى المجلس النيابي عبر كوتا، تعطي إنطباعاً بأنها وصلت بسبب الكوتا، في حين أن لديها من الكفاءة ما يكفي لتستحق النيابة بجدارة.كما يعتبرون أنه لا بدّ لها أن تكسر إحتكار الرجل للسلطة لا أن تستعطفه من أجل فتات كما أنه وبحسب اتفاقية السيداو، من واجب جميع الدول التي صادقت عليه، أن تسنّ الدساتير والتشريعات التي تضمن هذه المساواة.
أن معظم النساء الحائزات على مقاعد البرلمان بطريق الكوتا، هنّ غير مؤهلات لخوض غمار العمل السياسي أو النسائي، وهنّ لا يتعاطين مع قضايا المرأة المطروحة في البرلمانات بالشكل المطلوب منهن، باعتبارهن معنيات أكثر من باقي النواب في شؤون وشجون المرأة.
أخيراً، ان التطور الذي تشهده حياة المرأة في دولنا العربية يجعل من نظام الكوتا النسائية خطوة ضرورية في سبيل تمكين المرأة من المشاركة في العملية السياسية، وتمكينها من الوصول إلى مواقع صنع القرارات السياسية والاقتصادية، لتتمكن من المشاركة في صياغة قوانينٍ تهدف إلى تنمية المجتمع الذي تشكّل هي، نصفه.
إرسال تعليق