العتاب مدخلٌ لتنقية النفوس وغسل القلوب، وهو شكلٌ من أشكال التعبير عن المحبّة. ويقال أن معاتبة الإخوان خير من فقدهم. لكن هناك أصول لإتيكيت المعاتبة تجعلها سبيلًا للتصافي والتصالح إذا استخدمت في الوقت المناسب ومع الشخص المناسب الذي ينبغي أن يتقبّل العتاب بصدرٍ رحب. لكن حذار من العتاب القاسي الذي يفقدك جميع أصدقائك.
صحيح أنّه يقال "العتاب على قدر المحبّة" إلّا أن العتاب لا يجوز أن يتجاوز حدًّا معيّنًا كأن يتحوّل إلى نوعٍ من التوبيخ، أو أن يتحوّل إلى تهجّمٍ غير مستحبٍّ نتيجة تكرار العتاب والإلحاح فيه. وبالمقابل، لا يجوز أن يكون العتاب شكليًا فيغدو غير فعّالٍ لأنّ التهاون المتكرّر مع الصديق يدفعه إلى التمادي في عدم مراعاة شعور الآخرين وتجنّب ما يضايقهم.
من غير المستحبّ في العتاب أن يوضع الصديق في قفص الاتّهام ممّا يضطرّه للدفاع عن نفسه ونفي التهمة عنه، الأمر الذي يجعلك تزداد حقدًا عليه وتقسو في الحديث معه إلى أن تخسره نهائيًا، فيتحوّل من صديقٍ مخطئ إلى عدوٍّ شرس. لذلك يستحسن عندما تعاتب صديقًا أن تضع النقاط على الحروف، وأن تؤكّد له أنّك باقٍ على صداقته، وأنّ عتابك إنّما بمثابة تصفية للقلوب للحفاظ على الودّ القديم. ومن المستحسن دومًا أن تبقى هادئًا أثناء المعاتبة، فلا ترفع صوتك، بل أن تتكلّم بهدوءٍ ومن دون انفعال، وتذكّر أنّك تعاتب صديقك بهدف الحفاظ على صداقته وليس للتشاجر معه. ولا يجوز أبدًا أن تستخدم كلماتٍ خارجة عن آداب السلوك، وحاول أن تنتقي الألفاظ والتعابير المؤدّبة لتجذب إليك صديقك فلا تحرجه فتخرجه عن اتّزانه.
إرسال تعليق