غالباً ما تكون نظرتنا للحب مكللة بالصور النمطية والأفكار الساذجة... لكن، ماذا لو كانت هذه الأفكار تفسد آراءنا وتجرنا للخطأ بدل تطوير علاقتنا للأمام؟
إن كان يحبني فسيتقبلني على طبيعتي!
هذه الرؤية الضاربة في الصبيانية لا تسمح بأي تعديل أو تسوية في العلاقة، تؤكد فيرجيني ميغلي، مؤلفة كتاب "الانفصال المؤلم: التعافي من تبعياتنا العاطفية". في حين أنه في سبيل بدء قصة غرامية، يكون من الضروري الانفتاح مع الشريك وتقبل التطور الذاتي إلى جانبه.
تساهم العلاقة بتغيرنا يوماً عن يوم وبالتعرف على أنفسنا عن قرب. لا يوجد شيء يدعى "التصرف على سجيتي" داخل العلاقة, يعد ذلك ابتزاز لاواعي يسعى من خلاله لإسكات الشريك في لحظة عجز: في حالة صراع، خيبة أمل أو عدم رضا. تساهم هذه الاستراتيجية في توسيع المسافة أكثر من تقليصها.
إن كان لا يغار علي، فهو لا يحبني
"دون إدراك ذلك، تقوم المرأة باستغلال هذه العبارة لإيقاظ الحب في قلب الزوج، أو لتعزيز رغبته عندما لا تشعر بحب كاف من قبله أو في عندما تشك في حبها له". بل وأبعد من ذلك، تقول الأخصائية فيرجيني، مشيرة لغموض هذه العبارة "قد تعني كذلك أنه على السيدة أن تقدر قيمة نفسها الحقيقية لكي تكون قادرة على التعايش مع القليل من الغيرة.
وبالفعل، فالأشخاص الذين لا يقدرون قيمة أنفسهم يجدونها سهلة لأزواجهم أن يبحثوا عمن هم أحسن منهم". لإثارة القليل من الغيرة بكل براءة، لا توجد وسيلة أحسن من هذه.
في العلاقة، لا ينبغي كتمان أية أسرار عن بعضنا البعض
"تشير الشفافية المبالغة -بتشجيع من المجتمع- إلى خلط واضح بين الزوج و الأم، التي تعد لوحدها الشخص القادر على تخمين احتياجاتنا دون أن نعبر عنها" حسب تحليل الأخصائية. باللجوء لهذه الصورة النمطية، فإننا نحاول طمأنة أنفسنا "على الأقل فأنا أعرف أين أخطو". مما يوضح سوء ظن بالآخر. لكن، هل أنت على استعداد للإفصاح عن كل شيء في جعبتك؟ حتى الأسرار الأكثر خطورة؟ وهل تتمنين ذلك فعلاً؟ التدقيق في خصوصية الشريك وتفريغه من الأسرار، يمكن أن يكون، حسب عالمة النفس مارتين تيياك، وسيلة لوضع اليد عليه وإخضاعه لك.
"يحتاج الحب لشيء من الغموض، لأسئلة وأجوبة، لتلك المسافة التي تبعد بين شخصيين. في اختيار عدم الإفصاح بكل سر نملك، يكون هناك احترام كبير للذات وللآخر، ورغبة في تجنب إثقال كاهل الشريك والضغط عليه".
إنجاب الأطفال يقوي العلاقة
تشير فيرجيني ميغلي أننا لا زلنا ننتمي لثقافة تربط الحب بالإنجاب. بالإضافة للضغط الذي يمارسه المجتمع: "متى يحين اليوم الموعود إذن؟". غالباً ما تلوح هذه الفكرة عندما نحس أن حبنا في خطر، سواء كنا آباء بالفعل أو لا, فعندما يكون الحب حياً، يسفر عن ولادة تتوج ذلك الحب، إلا في حالة رفض قطعي. كما يمكن استعمال الطفل، بدون وعي، كوسيلة لإجبار الشريك على المكوث.
لكن عندما يولد الطفل، يبدأ التحدي الحقيقي, تحذر مارتين تيياك أنك "قد أعطيته، منذ البداية، مهمة مستحيلة. فلم يحدث قط أن ساهم طرف في إصلاح ما هدمه الزوجان. مما سيجعل من الطفل شركاً وسجناً من منظور شريك واحد أو الزوجان معاً، لتبدأ سلسلة من النزاعات والانفصالات المتكررة. نتيجة أتت معاكسة للتأثير المطلوب.
لماذا نحتاج للأفكار الجاهزة فيما يتعلق بالحب؟
ترد الاخصائية ميغلي أن الحب يضعف الشخص بقدر ما يطمئنه. فالآخر مختلف تماماً عنا، لذا يكون من المغري التمسك بقيم آمنة وبأفكار واردة يتشارك فيها عدد كبير من الأزواج، مما أعطاها منصب معيار القياس للعلاقات، وهذا لا يساعدنا فقط بعدم الإحساس بالوحدة، بل يتيح لنا قياس درجة طبيعية علاقتنا، لأنه بالأخير، يفضل الكثير من الناس الانصياع لمعايير لا تتناسب معهم على أن يغادروا الركب، ففرض التفرد يستدعي شجاعة كبيرة، كما أن الضغوطات الاجتماعية تفرض خضوعاً أكبر على الأشخاص الذي لا يحسون كثيراً بالأمان.
مع ذلك، فإن كان هناك مجال لا يخضع لأية قواعد، فهو بلا شك مجال الحب. المجهول مخيف بالتأكيد، لكنه عند التحديات يدفعنا للإبداع والابتكار والتفوق على الذات، ويسمح لنا بمعرفة أعمق بأنفسنا. حتى لحظات الشك تكون مفيدة أحياناً من خلال إجبارنا على طرح الأسئلة والبحث عن إجابات؛ فالحقائق الجاهزة بعيدة كل البعد عن مساعدتنا.
إرسال تعليق