Halloween party ideas 2015



يشيع القول إنّ الكون هائل الضخامة، ويضم بلايين المجرّات وما يصعب إحصاؤه من النجوم والكواكب. إذا نظرت إلى السماء ليلاً، يذهلك التناثر اللامتناهي للنجوم وتجمّعاتها. لكن مهلاً.
يبدو أن للعلماء فكرة اخرى، بل إنّ هناك شبه إجماع علمي على أن معظم الكون... مفقود. وبات الأمر شبه حقيقة راسخة لدى معظم علماء الفلك. كيف تأتّى لهم معرفة أن الكون الذي نراه هو محض «بقايا»، ضاع معظم الأصل الذي جاءت منه؟ الإجابة ليست سهلة، لكن عندما يراقب العلماء النجوم والكواكب وحركاتها، تتراكم لديهم أيضاً معلومات عن أحجامها وكتلتها وأوزانها. وباستخدام وسائل متطوّرة، استطاع العلماء تكوين فكرة عن حجم (ووزن وكتلة) المادة التي يتألّف منها الكون. لكن تلك الحسابات نفسها أوصلتهم إلى وجود مفارقة ضخمة. من ناحية، هناك قوّة الجاذبيّة التي تشدّ الكون إلى بعضه بعضاً، وهي موجودة أيضاً في الكواكب والنجوم.
ويربط العلماء بين الجاذبيّة وكتلة الكون، ويرون أنّ هناك تناسباً مقبولاً بينهما.
ومن ناحية اخرى، اكتشف العلماء في العقدين الأخيرين قوّة أخرى لها طابع غرائبي إلى حدّ ما لأنها تعمل عكس الجاذبيّة تماماً، بمعنى أنها تحاول تمزيق أوصال الكون وبعثرته، لكنهم لم يعثروا على المكوّن الذي «يحتضن» تلك القوّة الممزّقة. ولذا، يشيرون إلى ذلك المكوّن وقوّته الغرائبيّة بـ «المادة المُظلِمَة» Dark Matter. إذ تحمل صفات معاكسة لما نعرفه عن المادة، بمعنى أنّ «المُظلِمَة» غير مرئيّة ولا تنبعث منها أشعة كهرومغناطيسية أو ضوئيّة كي تراها العيون أو تتحراها المجسّات.
الأنكى أنها لا تتفاعل مع مروحة أطياف الأشعة كلها، وبالتالي «تعمى» عن رصدها حتى أشد التلسكوبات حساسيّة في التقاط تلك الأطياف التي لا تراها العين، كالأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجيّة وموجات الراديو وأشعة «آكس» وغيرها. إذاً، يتعلّق الأمر بمادة غرائبيّة «مُظلِمَة» تماماً. ويعتقد العلماء أنها هي المادة «المفقودة» في الكون التي ربما فاقته حجماً. باختصار، تشكّل «المادة المُظلِمَة» اللغز الأكبر في الفيزياء الفلكيّة المعاصرة، والمؤشر الوحيد الذي يتعامل به العلماء معها يتمثّل في تفاعلها مع الجاذبيّة.
وزيادة في تعقيد اللغز، يشير العلماء إلى أن «المادة المُظلِمَة» منبثّة في أرجاء الكون، بل تفوقه حجماً. وبموازاة كل غرام من المادة العادية، هناك قرابة خمسة غرامات من «المادة المُظلِمَة». ويؤدي تفاعلها مع الجاذبيّة إلى التأثير في حركة المادة العادية وموجات الراديو الفائقة القصر من النوع الذي يتوافر في الأرجاء النائية من الكون.
وتسّمى الأخيرة «الإشعاع الميكروي للخلفيّة الكونيّة» Cosmic Microwave Background. وهناك من العلماء من يعتقد أنّه يمثّل حرارة متبقية منذ بداية «الانفجار الكبير» («بيغ بانغ» Big Bang)، بمعنى أنّه يشبه الحرارة التي تختزنها الصخور في شمس النهار لتعيد إطلاقها ببطء في الليل.
لا مناص من الإشارة إلى أنّ نفراً قليلاً من العلماء لا يقبلون بوجود «المادة المُظلِمَة»، لأن الأدلة عليها تستند إلى نظرية النسبيّة التي وضعها آلبرت آينشتاين، وهم يرفضون تلك النظرية أيضاً.
هناك تفسيرات اخرى لصفات الخفاء في «المادة المُظلِمَة». ربما كانت شفافة بالنسبة إلى الإشعاع الكهرومغناطيسي، أو انها كثيفة جداً وصغيرة تماماً ما يعني أن الأشعة لا تدخل إليها ولا تخرج منها، فتصير غير مرئية لعدسات التلسكوبات والكاميرات. وفي 2016، طرح علماء الفيزياء في جامعة «جون هوبكنز» في «بالتيمور» بولاية ميريلاند، سؤالاً عن إمكان التفكير في تلك الأجسام «الخفيّة» الصغيرة ثقوباً سوداً ميكروسكوبيّة الحجم، تأتّت من الـ «بيغ بانغ» ومخلّفاته.
تلقى ذلك التفكير قبولاً علميّاً متزايداً. وفي 2016 أيضاً، اقترح سايمون بيرد، وهو عالم فيزياء في جامعة «جون هوبكنز»، أن تلك الثقوب الميكروسكوبيّة تعطي تفسيراً أيضاً لظواهر الضوء والأشعة في المناطق النائيّة في الكون.
وفي العام نفسه، أيّد فريق من علماء الفيزياء الفلكيّة بقيادة ميزاو ساساكي من «جامعة كيوتو» اليابانيّة، نظرية بيرد. ولكنهم رأوا أن تلك الثقوب السود الميكروسكوبيّة ربما تكون جزءاً صغيراً من كميّة المادة المُظلِمَة.
وقبل قرابة عقد، ساد في أوساط الفيزيائيّين عموماً، فرضيّة مفادها بأنّ المادة المُظلِمَة تتكون من جزيئات ذريّة ضخمة، لكنها لا تتفاعل مع الموجات ولا القوى ولا المادة! واستندوا في رأيهم إلى نظرية تعرّف باسم «التناظر الفائق» التي تعتقد أن الكون يسوده تماثل وانسجام هي أساس تركيبته بأكملها. وحاضراً، يعكف العلماء على تجارب تهدف إلى التعرّف على تركيبة «المادة المُظلِمَة»، مستخدمين وسائل لا تعتمد على الجاذبية وقوانينها.
وفي 2016 أيضاً، ذكر علماء الفضاء أنّهم رصدوا مجرة شديدة الاتّساع سمّوها «دراغون فلاي44» Dragon Fly 44، مشيرين إلى أنّ كتلتها تساوي مجرة «درب التبّانة»، لكنهم لاحظوا أن لا نجوم فيها ولا التراكيب المعروفة للمجرّات، مستنتجين أنها ربما تكون مكوّنه كليّاً من المادة المُظلِمَة!
ماذا تعرف عن قياس الشموس؟
يعتمد الفلكيّون في تقديرهم أوزان النجوم والأجرام الكونيّة، على طريقتين تسميّان الدينامية والطيفيّة- الضوئيّة.
تستمد الطريقة الدينامية صدقيتها من قوة الجاذبية وقوانينها، وتعتمد على قياس سرعة الأجسام المداريّة حول الجرم الفضائي المراد وزنه. ومثلاً، تبلغ سرعة كوكب الأرض في مداره حول الشمس قرابة 108 آلاف كيلومتر في الساعة. ويُستنتَج من تلك السرعة وزن كتلة الشمس لأنها هي الجرم الذي يشد الأرض إليه بقوّة الجاذبيّة. واستطراداً، تبلغ كتلة الشمس 333 ألف ضعف بالمقارنة مع كتلة الأرض.
وتطبّق الطريقة الدينامية أيضاً على قياس كتلة المجرّات. إذ تقاس سرعة أحد النجوم أثناء دورانه حول نقطة المركز في المجرة. ومثلاً، الشمس هي نجم يدور حول مركز مجرة «درب التبّانة»، بسرعة تقارب 200 كيلومتر في الثانية. ومع معرفة كتلة الشمس، يصبح مستطاعاً قياس كتلة مجرة «درب التبّانة». وهناك طرق أخرى تستعمل في قياس كتل المجرّات، عبر رصد نجمة في طرفها البعيد، وهي تشبه الطريقة المعتمدة في الرادارات التي تكشف مخالفات السيّارات على الطرقات!
وفي المقابل، تستند الطريقة الطيفيّة- الضوئية إلى قياس درجة سطوع البنى الفلكيّة المراد التوصل إلى معرفة كتلتها. وهناك معادلة تربط بين درجة سطوع نجم ما من جهة ومقدار كتلته من الجهة الثانية. ومثلاً، تتيح أطياف الضوء الصادر عن الشمس قياس حرارة سطح الشمس، كما نعرف أنّ قطر الشمس يساوي قرابة مليون وأربعمئة ألف كيلومتر، ولذا نستطيع احتساب الطاقة التي تبثها الشمس في الفضاء. (ثمة تذكير واجب هو أنّ الشمس تطلق في ثانية ما يساوي استهلاك كوكب الأرض من الطاقة لمدة عشرة آلاف سنة). وبفضل الطريقة الطيفيّة- الضوئيّة يمكن أيضاً معرفة كتل المجرّات في الكون.


إرسال تعليق

MARIthemes

www.netsailors.com
يتم التشغيل بواسطة Blogger.