أبو وقاص والاسلام في مدينة قوانغتشو
مسجد يقع في مدينة قوانغتشو في الصين تم بناؤه على أيدي الجاليات العربية الإسلامية القادمة إلى الصين قديماً. ويقال بأنه بني على يد المسلم الجليل وقاص عندما جاء إلى الصينوهذا يتفق مع الكتابات العربية المنقوشة على اللوح الرخامي في مسجد هوايشنغ، حيث جاء
فيها:
فيها:
«هذا هو أول مسجد في الصين بناه وقاص »
ثم جدده المتأخرون مرة بعد مرة, وليس هناك من سبيل إلى معرفة الزمن الذي نقشت فيه هذه الكتابات غير المؤرخة, أما وقاص الوارد اسمه في الرواية، فبالإضافة إلى ورود ذكره في الكتابات العربية المنقوشة ما يزال ضريحه قائما على مقربة من جسر ليوهوا في ضواحي قوانغتشو. وجرت العادة على تسميته بضريح الحكيم المرحوم تعظيماً لشأن صاحبه, وأن المسلمين هناك يقومون عادة بزيارة هذا الضريح في الأعياد الإسلامية، سائلين الله أن يتغمد صاحبه برحمته ومغفرته. وقد تبين أن مجيء شخص إلى الصين يدعى وقاص للدعوة للإسلام قد حدث فعلا ودون أدنى شك. ولكن وقاص هذا الذي يتردد اسمه على ألسنة المسلمين الصينيين ليس الصحابي سعد ابن أبي وقاص الذائع الصيت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام حيث أن المصادر العربية لم تذكر قط أن الصحابي سعد ابن أبي وقاص قد وطئت قدماه الصين. فغاية ما يمكن أن يقال في أمر وقاص الوارد ذكره في الرواية أنه مجرد تشابه في الأسماء ليس إلا.
يقام في كل من الربيع والخريف معرض الصادرات الصينية في مدينة قوانغتشو جنوب الصين. تتميز المدينة بمناخ منعش ويطلق عليها اسم مدينة الزهور بفضل مناظرها شبه الاستوائية الجميلة. وتتميز المدينة بالعديد من المواقع السياحية التاريخية وأشهرها مسجد أبي وقاص أي مسجد هواشينغ الحالي الذي يسجل قصة دخول العرب المدينة وإقامتهم بها واختلاطهم مع المواطنين المحليين حتى أصبحوا أحد عناصر سكان قوانغتشو حتى اليوم.
وحول أبي وقاص قال العالم المسلم وانغ هوا تشونغ: " حسب التسجيلات التاريخية في اللغة الصينية فإن أبي وقاص صحابي من صحابة رسول الله وهناك أقوال مختلفة عنه والبعض يذهب إلى أن المقصود به هو الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص خال الرسول محمد. جاء أبو وقاص إلى الصين بأمر من رسول الله ليدعو أهلها إلى الإسلام وكان ذلك في الفترة من عام 622م - 628م، أي أوائل عهد أسرة تانغ الملكية وفي بداية الدعوة الإسلامية."
وقال العالم وانغ هوا تشونغ إن أبي وقاص وصل إلى مدينة قوانغتشو أولا بعد دخول الصين وأشرف على بناء مسجد هناك. كان أبو وقاص رجلا ذكيا ذا علم واسع، وقد انتقل إلى مدينة قوانغتشو في فترة جنقوان من أسرة تانغ الملكية. وأحسن إمبراطور أسرة تانغ الملكية تانغ تي تشونغ ضيافته وسمح له بناء أول مسجد في الصين وهو مسجد أبي وقاص الذي يسمى باللغة الصينية هوايشينغ. وتعني كلمة هوايشينغ إحياء ذكرى النبي أو الشوق إلى النبي في اللغة الصينية.
ولكن آخرين يقولون إنه ليس الصحابي سعد بن أبي وقاص ولكن إسمه متشابه معه فقط. وحول ذلك قال العالم وانغ هوا تشونغ:
"يرى آخرون أن أبي وقاص وصل إلى الصين في عام 588م ولكن هذا الكلام يبدو غير دقيق. لأنه في ذلك الوقت لم تكن الدعوة الإسلامية قد أعلنت، ولكن هذا لا ينفي الحقيقة المتمثلة في أن أبي وقاص هو أول عربي ياتي به الاسلام إلى الصين. وذلك يعترف به العديد من المؤرخين الصينيين. ومن هنا القول بأنه مؤسس الإسلام في الصين وصاحب الفضل الكبير في نشر الدعوة الإسلامية في الصين."
وتعتبر روضة أبي وقاص الذي تضم قبره، روضة معروفة داخل الصين وفي العالم الإسلامي، يأتيها العديد من المسلمين الصينيين والأجانب يوميا لزيارتها والدعاء لهذا الصحابي الجليل والداعي العظيم. وخلال فترة انعقاد معرض الصادرات الصينية بمدينة فوانغتشو كل عام يزداد عدد الزوار. وتقع الروضة في طريق التحرير الشمالي بمدينة قوانغتشو قرب من مقر المعرض.
وحول روضة أبي وقاص قال العالم وانغ هوا تشونغ " المناظر بالروضة مهيبة جميلة وبيئتها أنيقة تزرع فيها النباتات المتعددة الألوان والأشجار العالية من كل صوب. ويشعر الفرد فيها براحة نفسية واطمئنان روحي. في مدخل الروضة توجد لوحة مكتوب عليها باللون الذهبي "روضة أبي وقاص" بالعربية والصينية والإنجليزية. في الممر المتجه إلى قبر أبي وقاص يوجد حجر تذكاري نقشت عليه ابيات من الشعر الصيني تقول إن هذا الرجل قام بمسيرة طويلة عبر محيطات بعيدة وجاء إلى الشرق لنشر الاسلام. وفي الصين ينال الاحترام منذ قرون."
في الجانب الشمالي للروضة يوجد نصب تذكاري منقوش عليه قرار صادر عن رئيس حكومة مقاطعة قوانغدونغ لي آو تشونغ إثناء فترة حز ب الكومينتانغ والذي ينص علي الحفاظ على أماكن قبور المسلمين وإحاطة المكان بالاحترام والتبجيل والاهتمام.
يقع قبر أبي وقاص في وسط الروضة بطراز معماري يشبه القصور الصينية التقليدية ويحيط به جدار عال. وتنقسم الروضة إلى جزئين، الأول يشمل المصلي، وقاعة الشاي وكشك الاستراحة وحوض المياه وغرفة الاستقبال ودورة المياه ومكتب إمام المسجد.
على الطريق القريب من الجزء الثاني يوجد المقام التذكاري والمسجل عليه أربعة رموز صينية كبيرة تعني "إنسان عظيم كريم" تعبيرا عن تقدير المسلمين الصينيين لذكرى هذا الرجل. بعد المرور بالمقام إلى الجزء الثاني، يمكن للزوار رؤية الأشجار والزهور والأعشاب النضرة والمتعددة الألوان تزرع في كل مكان. وتعتبر غرفة قبر أبي وقاص بناية عربية الطراز، فهي مربعة تعلوها قبة. وإذا يتلى القرآن داخلها يتردد بها صدي الصوت. في وسط الغرفة يقع قبر أبي وقاص عليه كسوة مطرزة بآيات من القرآن.
وقال العالم وانغ هوا شتينغ إن روضة أبي وقاص قد أعيد أعمالها مرات كثيرة. وأضاف:
أعيد بناء روضة أبي وقاص أكثر من مرة، وهي في العام العشرين للامبراطور جاتسينغ لأسرة تشينغ الملكية أي عام 1815م، والعام الخامس والعشرين للامراطور داو قونغ لأسرة تشنغ الملكية أي عام 1849م، وفي فترة جمهورية الصين أثناء حكم حزب الكومينتانغ عام 1934م وفي أعوام 1964و1985و1997 بعد تأسيس الصين الجديدة. عندما زار نائب رئيس مجلس الدولة الصيني الراحل تشن يي الروضة قال إن روضة أبي وقاص موقع أسلامي مقدس يحظي باهتمام دولي ويجب الحفاظ عليها جيدا."
وتوجد في روضة أبي وقاص أنصاب حجرية ومقامات تذكارية وكلها ذات فائدة عظيمة في قوانغتشو. في السابع والعشرين من شهر ذي القعدة كل عام يحيى مسلمو قوانغتشو نشاطات تذكارية للصحابي أبي وقاص بإقامة جلسة لتلاوة القرآن والأدعية. وقد أدرجت حكومة مقاطعة قوانغدونغ روضة أبي وقاص ضمن المناطق المحمية على مستوى المقاطعة.
إضافة إلى ذلك هناك دور آخر تلعبه روضة أبي وقاص في السنوات الأخيرة. وحول هذا الدور قال العالم وانغ هوا تشونغ:
"جدير بالذكر أن المسلمين الصينيين والأجانب الذين يشاركون في معرض الصادرات الصينية بمدينة قوانغتشو يأتون إلى الروضة للصلاة والاستراحة ولإجراء المفاوضات التجارية. وأصبحت الروضة جزءا من المعرض تقدم التسهيلات للاخوة المسلمين من أنحاء العالم. ( اذاعة الصين الدولية )
إرسال تعليق